blu-ray-hd-dvd
قد لايدور في خلد شخص عادي أن يصل الأمر ما بين أباطرة التكنولوجيا إلى الحروب..
نعم هي حروب ولكنها لا تسوي القرى بالأرض ولا تمد رداءها الأسود الكئيب على حاضر ومستقبل الأمم ..
ومن فهمي البسيط في الأمور العسكرية فإن الحرب هي الخيار الأخير بعد تعثر المفاوضات والخواطر واللعب من تحت الطاولة أو الرقص فوقها ..
ولا أدري .. فلربما أصبحت التكنولوجيا هي أيضا ساحة للرقص على طاولات اللعب الغير بريء !!!
أعود إلى الرقص … مممممم اقصد إلى الحرب لأقدم لكم وصفاً عاماً لما يدور بين رحاها..

الساحة هي ساحة الأقراص المدمجة
في إحدى جولاتي في القراءة في عالم التكنولوجيا استوقفني تقرير يفيد بموت HD-DVD . الموت كلمة لا يحبها الأحياء وهم مرغمين على الاستعداد لها .. وكل حسب عمله . أما موت التكنولوجيا فهو أمر غريب لأن التكنولوجيا عالم لايموت وإنما يتكون من مراحل تسلم كل واحدة نتائجها إلى الأخرى .. أو هكذا أتصور .. وهذا ما شدني ألى التعمق أكثر في صلب الموضوع …
ماهي الحرب:
هي حرب الأقراص الجديدة ذات السعات العالية والمتمثلة في أقراص HD-DVD و Blu-Ray
فبعد نجاح منقطع النظير لأقراص DVD التي يعرفها الجميع، وصل صانعوا التكنولوجيا إلى حد يصعب معه التعامل مع هذه الأقراص التي قد تحوي ساعتين من الأفلام.. ومن هنا قادت الأبحاث إلى تعريف هذه الأقراص الجديدة. وبدل أن يكون التكامل والإجماع على صيغة واحدة تسهل على مصنعي الأجهزة، ومراكز البيع، والمستهلكين برزت بذور تلك الحرب بإعلان شركة توشيبا عن إنتاج أقراص HD-DVD وكونت لذلك تجمعاً تقنيا يضم شركة NEC بالإضافة إلى توشيبا. وزادت قوة هذا التجمع بعد التعاقد مع مجموعة من كبار منتجي الأفلام مثل باراماونت ووارنر بروس ويونيفيرسال.
وعلى الجانب الآخر بدأت شركة سوني مع كبار حلفائها بالتصدي لتلك الضربة القوية من توشيبا، فعملت على تطوير وتسويق أقراص Blu-Ray ضمن تجمع يضم كلاً من أبل – هيتاشي – اتش بي– باناسونيك – بيونير – فيلبس – سامسونج – شارب – تي دي كي – تومسون وغيرهم. بالإضافة إلى مجموعة أخرى من كبار صانعي الأفلام مثل 20 سينشري وليون جيت وسوني ونيولاين. الشكل التالي يبين المنافسة بين تحالف توشيبا وسوني .
blue-ray-vs-hd-dvd-share-copy
وبات واضحاُ أن الحرب آخذة في التصاعد كماً وكيفاً على كلا الجانبين، فكل تجمع أخذ طريقه في اقناع عدد أكبر من كبار شركات التوزيع والبيع بالتجزأة بتبني وبيع منتجه الخاص. مما أدى إلى التباس كبير بين البائعين وبالتالي المستهلكين الذي توجب عليهم الاختيار الدقيق بين أنواع مشغلات الأقراص، فمشغلات توشيبا لا تدعم تشغيل Blu-Ray والعكس صحيح. ولكن لحسن الحظ فإن كلا النوعين قادر على تشغيل أقراص DVD المعروفة لدى الجميع.
نقاط فارقة على حلبة الصراع بين المتنافسين:
مع إعلان توشيبا تعاقدها مع وارنر بروس ضمنت زخماً كبيراً لقرص HD-DVD حيث أن الأخيرة هي أكبر صانع أفلام على الإطلاق مما قد يساعد توشيبا بسحب عدد أكبر من صغار المنتجين تأثراً بقرار وارنر بروس، هذا ما حدث فعلاً حيث تبعتها باراماونت ومجموعة أخرى من الاستوديوهات الصغيرة، مما قلل فرص Blu-Ray من البروز في هذا المشهد الذي بدت توشيبا متحكمة فيه إلى حد بعيد. بيد أن شركة مثل سوني لن تقبل بهذه الهزيمة السريعة وهي التي عاصرت موجات كثيرة من القوة والضعف وصمدت منذ نشأتها على يد أكيو موريتا عام 1940 وحتى الآن. وهذا ما قاد المنافسة إلى مستويات أخرى.
howard-stringer-2
هاورد سترينغر – المدير التنفيذي لسوني
okamura
تادشي اوكامورا – الرئيس والمدير التنفيذي لتوشيبا
سعت سوني إلى توحيد صفوفها الداخلية عبر تكامل جميع أقسامها التي كانت تعمل بعيدة عن بعضها البعض، حيث تضم سوني أربع مجموعات تجارية كبيرة وهي الألعاب، والإلكترونيات، والأفلام، والخدمات المالية. وعلى اثر هذا التوجه من سوني أصدر “هوارد سترينغر” توجيهاته إلى جميع فروع سوني بتبني تقنية Blu-Ray، ودمجها مع منصة ألعاب سوني (البلاي ستيشن 3) وقامت مجموعة الأفلام بإرفاق أقراص Blu-Ray مع شحنات البلاي ستيشن. مما زاد من اهتمام شريحة كبيرة من المستهلكين بها (تم شحن نصف مليون وحدة من ألعاب بلاي ستيشن 3 مع فيلم سبيادر مان بقرص Blu-Ray). هذه الحركة التكتيكية ضمنت لسوني فارقاً في المبيعات عن منافستها توشيبا بمقدار 1.8 مليون دولار، وهذا الفارق يبدو ضئيلاً ومؤشر على وجود منافسة قوية بين الطرفين.
مقابل تلك الجهود من سوني، قامت توشيبا بتدعيم موقفها بدفع 150 مليون دولار لكل من باراماونت ودريم ووركس، بالإضافة إلى انخفاض سعر منتجها مقارنة بسوني. مما اضطر سوني إلى تخفيض سعر بلاي ستيشن3 بمقدار 100 دولار. بالاضافة إلى التودد إلى استوديوهات الأفلام بعرض مقاطع قصيرة من أفلامها على البلاي ستيش بدون مقابل (وهو الذي كلف سوني ما يقارب 60 مليون دولار مقابل هذه الخدمة المجانية لشركات الأفلام).
ورغم كل ما كان يدور خلف الكواليس وتحت الطاولات وفوقها، كان هناك ترقب شديد ومقلق من كبار تجار التجزئة والمحلات الكبرى مثل وول مارت، وبيست باي، وسبب الترقب هو ليس التعاطف مع أحد المتنافسين على الآخر ولكن ماكان مهماً هو معرفة الفائز في هذه الحرب التقنية الشديدة، وبالتالي بيع منتجات الفائز مقابل تجاهل الخاسر.
وجاء إعلان نهاية الحرب حتى الآن من طرف آخر غير الطرفين المتنافسين وهو شركة وارنر بروس حيث اقتنعت هذه الشركة العملاقة بتبني تقنية Blu-Ray بعد أن كانت أحد أنصار HD-DVD مما قاد سوني لانتصار ساحق تحقق على اثره التعاقد مع كل من وول مارت وبيست باي لتسويق وبيع أقراص Blu-Ray وما يتبعها من مشغلات أقراص متوافقة معها. وقامت بإنهاء عقد توشيبا مما قاد الأخيرة إلى تكبد خسارة كبيرة اثر حرب كبيرة تحسب بالمليارات.
ولكن هل مات HD-DVD فعلاً .. رأي الشخصي وليس القاطع هو “لا” فعلى الجانب الآخر من هذه المنافسة قامت الصين بتبني تقنية HD-DVD ولكن لم يتبين إلى الآن هذا الموقف. ومن يدري ربما نرى تحولاً آخر في القريب العاجل في هذه الحرب الممتعة … حرب الأذكياء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

keyboard_arrow_up

جميع الحقوق محفوظة © الوسط الجزائري

close

أكتب كلمة البحث...