النمو على الانترنت

أول خبر في حياتي عن الإنترنت كان في إحدى الصحف المحلية عام 1995، فمن خلال القسم التقني الذي يتحدث عن الكمبيوتر والألعاب لفت انتباهي تقرير مليء بصورة التحذير الشهيرة (الهيكل العظمي) وبأن خطر الإنترنت قادم لا محالة!! تحدث التقرير بشكل تحذيري وجدي عن السرقة، الجنس، انتهاك الخصوصية، توفر المعلومات. يومها لم أفهم ما تعنيه الكلمة بالتحديد ولماذا سوف تتوفر هذه المعلومات بهذه السهولة للجميع والكثير من الأسئلة التي جعلتها غامضة بالنسبة لي. وأول احتكاك فعلي لي مع هذه الشبكة كان في الجامعة حيث كان مختبر الكمبيوتر يزدحم يومياً أملاً في الحصول على نظرة ولو سريعة عن الإنترنت. وكم كان الشعور غريباً ومريباً في نفس الوقت أن تكتب أي كلمة فتجد لها نتيجة في محرك البحث ياهوو أو ألتافيستا!!.. أكتب هذه الكلمات بعد 14 سنة من التعامل مع الانترنت والذي مر بعدة مراحل، استرجع تلك المراحل وأقارن نفسي ببقية المستخدمين فأرى تلك المراحل تتشابه إلى حد كبير. مراحل غير رسمية وغير علمية ولكنها تعبر عن وجهة نظر تكونت خلال سنوات التعامل مع الإنترنت ..فيمكنك الاتفاق معها جزئياً أو كلياً وكذلك الاختلاف معها .. فنحن لا نقدم علم الذرة ولا صناعة الصواريخ ..
internet-users


مرحلة الطفولة..
طفل الإنترنت لديه بريد إلكتروني ويدخل كضيف خفيف على المنتديات يتمنى أن يفعل الكثير ولا يعرف كيف.
تتميز مرحلة الطفولة بالفضول الشديد حول بعض المواقع المشبوهة والرغبة في زيارتها بين حين وآخر إلا أن المستخدم الطفل يعتقد أن ذلك مستحيلاً لأنها محجوبة أو لخشيته من العقاب أو اللوم من الأهل والأصدقاء، ولكنه يدخل رغم كل ذلك ويعتبر ما يفعله انتصار عظيم. في هذه المرحلة لا تهم المواصفات الفنية للشبكة أو المواقع التي يتم زيارتها، ولا يعتبر ما يحدث فيها ألا مجرد عمل عادي على جهاز الكمبيوتر.طفل الإنترنت لا يفقه شيئاً في أمر الخصوصية ويقبل أي دعوة ويفتح أي موقع يطلب منه فتحه، ويسرف في وضع الكثير من الصور والمعلومات الشخصية في كل مكان.
وجود المستخدم في هذه المرحلة جيد لمن يعتبر الإنترنت لعبة أخرى من بين ألعاب الكمبيوتر المنتشرة .. أما من يريد أن يستفيد ويفيد فعليه العمل على ترك مرحلة الطفولة ولكن بدون استعجال.
Surprised baby boy using a laptop computer
مرحلة المراهقة
مراهق الإنترنت لديه ٢٠ بريد إلكتروني (كناية عن الكثرة)، نشيط في المنتديات ومقاتل شرس. ينام ويصحوا مفكراً في طريقة الرد أو إسكات الاصوات المعارضة له. يقضي ساعات طويلة اما الشبكة متنقلاً بلا هدف أو بمجموعة مشتتة من الأهداف. لديه الكثير من الحيل ومغرم بالتقنيات ومبدع ولكن ليس لديه هدف محدد غير إسكات هذا والنيل من ذاك مقتنعاً بأنه يدافع عن الدين ويحمي حماه، أو يدافع عن الحرية ويذود عنها حتى تصبح ملكاً للجميع !! نشيط نشاط هائل ولكنه غير منتج.. ولا يمكن أن يغير رأيه حتى لو افتنع بخطأه معتبراً ذلك نقيصة أو تراجع أو هزيمة، يكثر نشاطه في النزاعات بشكل عام .لا يعير اهتماماً لخصوصية الآخرين وتروق له فكرة فك التشفير والسطو على المواقع الأخرى، والتخريب متى ما امتلك الأدوات المناسبة.
user
مرحلة الشباب ..
شاب الإنترنت يملك ما يملكه المراهق ولكنه يقلل من الايميلات .. يعطي القضايا بعداً آخر غير تقليدي لديه أهداف. لديه علاقات مثمرة. مدون أو متابع للمدونات والاعلام الجديد. يؤمن بأن الانترنت مصدر للعلاقات والثروة وكل شيء.. يبالغ في نقد القديم بقوة ويرفض الانقياد. مبدع ومنتج. أحياناً بقوده البحث عن الكمال إلى الإحباط ولكنه سرعان ما يتماسك ويعود وربما زاد إحباطه فعاد إلى مرحلة المراهقة!!
الخلاصة شاب الإنترنت يحصل على أفضل ما فيها من فرص مادية واجتماعية.
user (2)
مرحلة الشيخوخة..
لا يؤمن بالانترنت سوى أنها مجموعة من الصحف المجلات التي يحرص على متابعتها. يعمل بجد من أجل نصح الآخرين على عدم الانزلاق في المواقع المشبوهة. لديه تواجد شرفي في الشبكات الاجتماعية. يشعر بالجهل أمام من حوله في أمور الإنترنت.. غير منتج ولايرى ضرورة للإبداع في الانترنت. يحتاج الكثير من المساعدة في تنزيل ملف أو تحويله أو ترجمته .. يتبع المدرسة التقليدية في التصفح.. مخلص لمتصفح اكسبلورر. يقدر الخصوصية لأنها من القيم الثابته في الحياة. لا ينتظر جديداً في الإنترنت.
user-elderly
ومثل ما هي الحياة التي نعيشها مع الناس بعيداً عن الشبكة يوجد في كل مرحلة صالحون وطالحون، نشطاء، مدمنون، مروجون، ولصوص!! ولا ترتبط المراحل السابقة بسن معين .. فيمكن لطفل الانترنت أن يكون أربعينياً وكذلك المراهق .. ويمكن لعجوز الأنترنت أن يكون في بداية العشرينات!! وحتى المراحل ذاتها لا تقاس بالسنين فيمكن أن يقضي البعض 10 سنوات في مجال الطفولة والمراهقة أو أسبوعاً فقط يتحول بعده إلى شاب انترنتي (إن صح التعبير).
وكما ذكرت في بداية الموضوع، هو تصنيف غير رسمي ويحتمل بعض التوافق والكثير من الاختلافات بين الإخوة القراء .. شاركوني برأيكم .. وأتمنى الفائدة للجميع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

keyboard_arrow_up

جميع الحقوق محفوظة © الوسط الجزائري

close

أكتب كلمة البحث...